العرض في الرئيسةفضاء حر

“برع يا استعمار” لم تكن مسؤولة عن الوصول إلى لحظة “شكراً سلمان”

يمنات

“برع يا استعمار”

“شكراً سلمان”

مقولتان بينهما حوالي خمسين عاماً بحساب الزمن،

وخمسين ألف عامٍ بحساب السياسة والأخلاق والشرف الوطني.

“برع يا استعمار”.. كانت الذروة في رحلة ميلاد “الوطنية” اليمنية؛ الرحلة الممتدة، في الشمال والجنوب، من عشرينيات القرن الماضي.

و “شكراً سلمان”.. جاءت لتعلن موت هذه “الوطنية” وفي عمرٍ مبكر.

“شكرا سلمان” إعلانٌ تاريخي لموت الوطنية اليمنية، حتى وإن ظل هناك رمقٌ في الجسد الميت، أو حتى ولو كان الجسد لا يزال يعبر عن رفض هذا الموت .. فما بعد هذه المقولة لن يكون كما قبلها حتى لو لم تخل البلد من بقية باقية من الوطنيين المخلصين.

لم تكن لحظة “برع يا استعمار” مسؤولة عن الوصول إلى لحظة “شكراً سلمان”، بأي حال من الأحوال..

المسؤول هو جيل من السياسيين، نشأ مابين اللحظتين، فدمر الأولى ومهد لإنجاز الثانية.

جيلٌ، في الشمال والجنوب، سيدون التاريخ أنه أسوأ جيل مر بتاريخ اليمن السياسي على الإطلاق..

جيل كان، و لا يزال، مثالاً للانتهازية السياسية، والرخص، وفراغ الدماغ من أي همٍ “وطني” أو همٍ عام..

جيل لم يكن أهلاً حتى لحماية فساده لا حماية اليمن، وحين خسر فساده ونفوذه، وخسّرَ اليمنيين دولتهم بفساده ونفوذه أيضاً؛ باع البلاد لأول مشتري، وذهب يقضي خواتيم حياته في فنادق المشتري نفسه.

جيلٌ تخلى عن البلاد .. وعن إرث الاستقلال .. بل وحتى عن أمجاده الشخصية .. مقابل مرتب تقاعدي من المخابرات السعودية (وذراعها اللجنة الخاصة)، أو مقابل سفارة في مدينة غربية.

لو بُعثت أجيال الاستقلال، في الجنوب أوفي الشمال، منذُ رحيل الأتراك وحتى رحيل البريطانيين؛ لفضلت العودة للموت على مشاهدة بلادها وقد رُهنت للجيران وجيران الجيران وجيران جيران الجيران، مروراً بالسنغال ووصولاً إلى كولومبيا..!

لقد كانت بلادهم على مستعمرٍ واحد، عثماني أو بريطاني، واليوم أضحت تحت نير احتلالٍ بوجوه متعددة، ونزعات مختلفة، وجنسيات ملونة وغير ملونة؛ جميعهم يُدارون من قبل أوصياء من ورائهم أوصياء من ورائهم أوصياء .. حتى لقد تفرق دم اليمن بين القبائل، وتفرقت أيدي العالم في “سبأ” بعد أن كانت أيدي سبأ قد تفرقت، قديماً، في أنحاء العالم.

من حائط الكاتب على الفيسبوك

زر الذهاب إلى الأعلى